تحقيق التحول الرقمي يتطلب أكثر بكثير من مجرد تكنولوجيا

 يمكن للتحول الرقمي أن يغير آلية عمل الشركات، وثقافتها، وتجربة عملائها إلى الأفضل، كما قد يمكّن الشركات من التكيّف السريع لمواكبة التغيرات ومتطلبات سوق العمل.  ومن الواضح أن مجالس الإدارة وقيادات الشركات تسابق الزمن من أجل تحويل عملياتها إلى رقمية، وقد ذكر تقرير حديث صدر عن المؤسسة الدولية للبيانات (IDC) أن إنفاق العالم على التحول الرقمي سيبلغ حوالي 2 تريليون دولار بحلول عام 2022 نظراً لالتزام المؤسسات بذلك.

لكن تخصيص الموارد والإدارات ليس سوى جزء صغير من معادلة التحول، فلضمان النجاح تحتاج الشركات إلى أكثر من الأنظمة الجديدة والعمليات والأجهزة والتقنيات الحديثة. تحتاج إلى العقلية التي تضع التحول الرقمي على سلم الأولويات في شتى جوانب العمل.

في فودافون، نلمس نجاح التحول الرقمي يومياً، من خلال عملنا مع المبتكرين والرواد الذين يشيّدون المدن الذكية في الدولة مثل لوسيل ومشيرب، وكذلك المنظمات التي تتبنى بسرعة تطبيق إنترنت الأشياء والتقنيات الحديثة من أجل النهوض بالصناعات الكبرى مثل الإنشاءات والخدمات اللوجستية.

نحن نعمل مع شركات من عدة قطاعات واعدة وديناميكية، ليس في قطر فحسب، بل في شتى أنحاء العالم، وبالتالي فإننا نمتلك نظرة خبيرة في العوامل المشتركة التي تشكّل قدرة الشركات على تحويل عملياتها بنجاح، ويمكن القول إن هذه العوامل تتلخص في أربع نقاط رئيسية:

أولاً: لدى هذه الشركات نظماً متينة تساعدها على سن التغييرات الثقافية والتكنولوجية وإدارة ظروف العمل المتطورة. حيث تعتمد خططاً منظمة وجادة تبدأ من رأس هرم المؤسسة وصولاً إلى جميع العاملين، وهي خطط توفر إطاراً عمل يسمح بتحويل عملية اتخاذ القرار من كونها ردة فعل ارتجالية إلى مبادرات استباقية تقود أجندات الشركة.

ثانياً: تضع هذه الشركات النهج الرقمي في قلب استراتيجية أعمالها. وتتعامل جدياً مع التحولات المحتملة على كافة الأصعدة، ابتداء من تبسيط العمليات وتحسين آلية التفاعل مع العملاء والموظفين، وانتهاء بتحسين تجربة المستخدم والقرارات المبنية على رؤى وبيانات مدروسة.  

ثالثاً: تضع هذه الشركات استراتيجية واضحة لعملية تنفيذ التحول الرقمي، تتضمن خطوات ملموسة وقابلة للقياس مع جداول زمنية واضحة ومسؤوليات محددة ومتفق عليها من قبل الإدارات العليا. وهذه النقطة مفصلية عند الأخذ بالاعتبار أن الاستثمار في التحول الرقمي يجب أن يكون محدداً ومدروساً،  فوفقاً لمؤسسة جارتنر للاستشارات، أطلقت أكثر من 125 ألف شركة على مستوى العالم مبادرات رقمية خلال العام 2016، متوقعة زيادة إيراداتها بنسبة 80% بحلول عام 2020. ولكن في المقابل، أظهرت شركة فورستر للأبحاث بأن 27% فقط من الشركات لديها استراتيجية رقمية صلبة.

رابعاً: تطبق هذه الشركات التحول الرقمي عبر جميع أعمالها، وتدخله في سلسلة القيمة مما ينعكس إيجاباً على العمليات في جميع الأقسام والوظائف، بما في ذلك الأقسام المركزية مثل المالية والموارد البشرية. وإن كل فريق وكل زاوية في الشركة بحاجة إلى إعادة النظر في عملياتها، والمسؤولية في ذلك تقع على الجميع. وتعمل هذه الشركات على زيادة كفاءتها إلى أقصى حد مع الاحتفاظ بمعايير التميز من حيث رضا العملاء وتقديم الخدمة.

من خلال عملنا جنباً إلى جنب مع كبرى المؤسسات والجهات في الدولة، استطعنا أن نفهم بدقة إمكانيات وقدرات التكنولوجيا والابتكار. ونحن موجودون لربط أفكار اليوم بتكنولوجيا المستقبل، ونعمل طوال الوقت من أجل تمكين الرواد والمبتكرين على تصوّر مستقبل أفضل، يعيدون فيه تشكيل قطاعات الأعمال من أجل نموها واستدامتها، فالابتكار يجري في دمنا وفي كل ما نقوم به.

وسعياً لتحقيق هذه الأهداف، سنلتقي مجدداً هذا الشهر في فعاليتنا السنوية "يوم الابتكار" مع مجموعة من الشركات التي تركز على المستقبل، من أجل مواصلة بناء بنيتنا التحتية وتطوير تطبيقات وخدمات رقمية ومنتجات وحلول. وسيوفر "يوم الابتكار" مدخلاً إلى أحدث التوجهات الرقمية والتقنيات التي من المتوقع أن تحول قطاعات الأعمال والصناعات إلى الأفضل.

ويأتي كل هذا كجزء من التزامنا تجاه تحويل قطر إلى واحدة من أكثر دول العالم تقدماً واتصالاً بالإنترنت. اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحثّ خطانا في قطر ونساعد عدداً من الشركات على النمو والتحسّن والابتكار. المستقبل أفضل، ونحن ملتزمون بأن نكون هناك طوال الطريق.